فصل: مناسبة قوله تعالى: {ذلك تَخْفِيفٌ مّن رَّبّكُمْ وَرَحْمَةٌ} لما قبله:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير الإشاري:

قال نظام الدين النيسابوري:
التأويل: ليس البر بركم بتولية وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر الحقيقي هو بري معكم بتولية وجوه أرواحكم بجذبات المحبة قبل الحضرة الربوبية المحبوبية لتؤمنوا بدلالة نور بري بي وببر حبي لكم تحبوني، والملائكة يحبونكم ببر حبي لكم. وبر حبي لكم ليس بمحدث كبركم معي بل هو بر قديم في الكتاب القديم، وبنور هذه المحبة تحبون أهل محبتي وهم النبيون. فالجنسية علة الضم. {وآتى المال على حبه} أي ما حصل للعبد من بر الحب وما مال إلى سره من عواطف الحق ينفقه على حب حبيبه بأداء حقوق الشريعة والطريقة بالمعاملات القالبية والقلبية {ذوي القربى} وهم الروح والقلب والسر ذوو قرابة الحق {واليتامى} المتولدات من النفس الحيوانية الأمارة بالسوء إذا ماتت النفس عن صفاتها بسطوات تجلي صفات الحق {والمساكين} هم الأعضاء والجوارح {وابن السبيل} القوى البشرية والحواس الخمس فإنهم في التردد والسفر إلى عوالم المعقولات والمخيلات والمحسوسات والموهومات {والسائلين} الدواعي الحيوانية والروحانية {وفي الرقاب} في فك رقبة السر عن أسر تعلقات الكونين. فحينئذٍ أقام صلاة المحاضرة مع الله بالله وآتى زكاة مواهب الحق إلى أهل استحقاقها من الخلق وهم الموفون بعهدهم إذا عاهدوا مع الله بالتوحيد والعبودية الخالصة يوم الميثاق، والصابرين في بأساء مراعاة الحقوق وضراء مخالفات الحظوظ وفناء الوجود عند لقاء الشهود وحين بأس سطوات تجلي صفات الجلال {أولئك الذين صدقوا} ببذل الوجود {وأولئك هم المتقون} من شرك الأنانية والله أعلم. اهـ.

.تفسير الآية رقم (178):

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)}.

.سبب النزول:

وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن سبب نزوله إزالة الأحكام التي كانت ثابتة قبل مبعث محمد عليه السلام، وذلك لأن اليهود كانوا يوجبون القتل فقط، والنصارى كانوا يوجبون العفو فقط، وأما العرب فتارة كانوا يوجبون القتل، وأخرى يوجبون الدية لكنهم كانوا يظهرون التعدي في كل واحد من هذين الحكمين، أما في القتل فلأنه إذا وقع القتل بين قبيلتين إحداهما أشرف من الأخرى، فالأشراف كانوا يقولون: لنقتلن بالعبد منا الحر منهم، وبالمرأة منا الرجل منهم، وبالرجل منا الرجلين منهم، وكانوا يجعلون جراحاتهم ضعف جراحات خصومهم، وربما زادوا على ذلك على ما يروى أن واحدًا قتل إنسانًا من الأشراف، فاجتمع أقارب القاتل عند والد المقتول، وقالوا: ماذا تريد؟ فقال إحدى ثلاث قالوا: وما هي؟ قال: إما تحيون ولدي، أو تملأون داري من نجوم السماء، أو تدفعوا إلى جملة قومكم حتى أقتلهم، ثم لا أرى أني أخذت عوضًا.
وأما الظلم في أمر الدية فهو أنهم ربما جعلوا دية الشريف أضعاف دية الرجل الخسيس، فلما بعث الله تعالى محمدًا صلى الله عليه وسلم أوجب رعاية العدل وسوى بين عباده في حكم القصاص وأنزل هذه الآية.
والرواية الثانية: في هذا المعنى وهو قول السدي: إن قريظة والنضير كانوا مع تدينهم بالكتاب سلكوا طريقة العرب في التعدي.
والرواية الثالثة: أنها نزلت في واقعة قتل حمزة رضي الله عنه.
والرواية الرابعة: ما نقلها محمد بن جرير الطبري عن بعض الناس ورواها عن علي بن أبي طالب وعن الحسن البصري أن المقصود من هذه الآية بيان أن بين الحرين والعبدين والذكرين والأنثيين يقع القصاص ويكفي ذلك فقط، فأما إذا كان القاتل للعبد حرًا، أو للحر عبدًا فإنه يجب مع القصاص التراجع، وأما حر قتل عبدًا فهو قوده، فإن شاء موالي العبد أن يقتلوا الحر قتلوه بشرط أن يسقطوا ثمن العبد من دية الحر، ويردوا إلى أولياء الحر بقية ديته، وإن قتل عبدًا حرًا فهو به قود، فإن شاء أولياء الحر قتلوا العبد وأسقطوا قيمة العبد من دية الحر، وأدوا بعد ذلك إلى أولياء الحر بقية ديته، وإن شاؤا أخذوا كل الدية وتركوا قتل العبد، وإن قتل رجل امرأة فهو بها قود، فإن شاء أولياء المرأة قتلوه وأدوا نصف الدية، وإن قتلت المرأة رجلًا فهي به قود، فإن شاء أولياء الرجل قتلوها وأخذوا نصف الدية، وإن شاؤا أعطوا كل الدية وتركوها، قالوا فالله تعالى أنزل هذه الآية لبيان أن الاكتفاء بالقصاص مشروع بين الحرين والعبدين والانثيين والذكرين فأما عند إخلاف الجنس فالاكتفاء بالقصاص غير مشروع فيه. اهـ.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما تقدم أن شرط رفع الإثم عن المضطر ترك العدوان وكان العدوان في ذلك وفي غيره ربما أدى إلى القتل وتلا ذلك بما استتبعه كما تقدم إلى أن ختم بهذه الآية وختمها بمدح الصبر والصدق في دعوى الإيمان والوفاء بالعهد وكل شيء وكان من جملة ما خالف فيه أهل الكتاب العهد أمر سفك الدماء فغيروه كله أو بعضه على ما أشار إليه تعالى بقوله: {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم} [البقرة: 84] الآيات وكان الصبر على بذل الروح أعظم الصبر وفعله أعظم مصدق في الإيمان والاستسلام للقصاص أشد وفاء بالعهد أخبر المؤمنين بما أوجب عليهم من ذلك وما يتبعه فقال تعالى ملذذًا لهم بالإقبال عليهم بالخطاب {يا أيها الذين آمنوا} أي ادعوا الإيمان بألسنتهم، ولما حصل التعديل بها وقع سابقًا من التأديب فعلم المخاطبون أن الحكم إنما هو لله بني للمجهول قوله: {كتب عليكم} أي فرض في الكتاب وقد سمعتم إنذاري للذين اختلفوا في الكتاب، والذي عين إرادة الفرض أن الكتب استفاض في الشرع في معناه وأشعر به التعبير بعلى {القصاص} أي المساواة في القتل والجراحات لأنه من القص وهو تتبع الأثر. قال الحرالي: كأنه يتبع بالجاني إثر ما جنى فيتبع إثر عقوبته إثر جنايته. انتهى.
{في القتلى} أي في سائر أمور القتل فمن قتل بشيء قتل به، ومن قتل على كيفية قتل بمثلها، كأن قطع يدًا فسرى إلى النفس فتقطعه، فإن سرى وإلا جززنا رقبته لتكون الآية عامة مخصوصة في بعض الصور، ومتى لم يقل بالعموم كانت مجملة والتخصيص أولى من الإجمال، فصدقوا دعواكم الإيمان مما يعمل الأئمة الاستيفاء وغيرهم بالانقياد فيه ولا تكونوا كأهل الكتاب الذين اختلفوا في كتابهم فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه، وأيضًا لما ذكر إيتاء المال على حبه وكان قد ذكر أن البار هو المؤمن بالكتاب وكان من الكتاب بذل الروح المعلوم حبها عقبه به إشارة إلى أن المال عديلها لا يؤتى لأجل الله إلاّ بمحض الإيمان كما أن الروح لا تبذل إلا بذلك.
ولما كان أهل الكتاب قد بدلوا حكم التوراة في القصاص الذي أشير بآية المائدة إلى أنه كتب عليهم العدل فيه فكان من كان منهم أقوى جعل لقومه في ذلك فضلًا فكان بنو النضير كما نقله ابن هشام في السيرة يأخذون في قتلاهم الدية كاملة وبنو قريظة نصف الدية وكان بعضهم كما نقله البغوي في سورة المائدة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقتل النفس بالنفس أشار سبحانه وتعالى إلى مخالفتهم في هذا الجور مبينًا للمساواة: {الحر بالحر} ولا يقتل بالعبد لأن ذلك ليس بأولى من الحكم المذكور ولا مساويًا بقتل العبد به لأنه أولى ولا بالحكم فهو مفهوم موافقة.
ولما قدم هذا لشرفه تلاه بقوله: {والعبد بالعبد} تعظيمًا للذكورية، وكذا يقتل بالحر لأنه أولى، ولا يقتل الحر بالعبد لأنه ليس مساويًا للحكم {والأنثى بالأنثى} وتقتل الأنثى بالذكر والذكر بها، لأن كلًّ منهما مساوٍ للآخر وفاقا للأصل المؤيد بقوله صلى الله عليه وسلم: «النساء شقائق الرجال» احتياطًا للدماء التي انتهاكها أكبر الكبائر بعد الشرك، ونقصت الدية النصف إن كانت بدل الدم وفاقًا لقوله تعالى: {وللرجال عليهن درجة} [البقرة: 228] وتنبيهًا على انحطاط حرمة الأموال عن حرمة الدماء على أن تصيب مفهوم الآية أنه لا يقتل بالمقتول إلا قاتله، وإذا تأملت قوله: {القتلى} دون أن يقول: القتل. علمت ذلك. قال الحرالي: لأن أخذ غير الجاني ليس قصاصًا بل اعتداء ثانيًا ولا ترفع العدوى بالعدوى إنما ترفع العدوى بالقصاص على نحوه وحده. انتهى.
وكذا أخذ غير المساوي اعتداء فلا يقتل مسلم بكافر بما أفهمه القصاص، وتقييد الحكم بأهل الإيمان مع قوله سبحانه وتعالى: {لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة} [الحشر: 20] في أمثالها من الآيات. اهـ.

.مناسبة قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيء} لما قبله:

قال البقاعي:
ولما فتح سبحانه وتعالى لنا باب الرحمة بالقصاص منبهًا على تبكيت أهل الكتاب وكان ذلك من حكم التوراة لكن على سبيل الحتم وكان العفو على النصارى كذلك أظهر في الفرقان زيادة توسعة بوضع هذا الإصر عنا بالتخيير بينهما. قال الحرالي: نقلًا من عقاب الآخرة إلى ابتلاء الدنيا ونقلًا من ابتلاء الدنيا في الدم إلى الكفارة بأخذ حظ من المال كما كان في الفداء الأول لذبح إبراهيم عليه الصلاة والسلام من ولده فقال: {فمن عفي له} عن جنايته من العفو وهو ما جاء بغير تكلف ولا كره. انتهى.
وعبر بالبناء للمفعول إشارة إلى أن الحكم يتبع العفو من أي عاف كان له العفو في شيء من الحق ولو كان يسيرًا وهو معنى قوله: {من أخيه شيء} أي أي شيء كان من العفو بالنزول عن طلب الدم إلى الدية، وفي التعبير بلفظ الأخ كما قال الحرالي تأليف بين الجاني والمجني عليه وأوليائه من حيث {ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنًا إلاّ خطأ} [النساء: 92] وإن لم يكن خطأ الطبع فهو خطأ القصد من حيث لم يقصد أن يقتل مؤمنًا إنما قصد أن يقتل عدوًّا وشاتمًا أو عاديًا على أهله وماله أو ولده.
فإذا انكشف حجاب الطبع عاد إلى أخوة الإيمان {فاتباع} أي فالأمر في ذلك اتباع من ولي الدم {بالمعروف} فيه توطين النفس على كسرها عن حدة ما تجره إليها أحقاد الجنايات، والمعروف ما شهد عيانة لموافقته وبقبول موقعه بين الأنفس فلا يلحقها منه تنكر.
ولما أمر المتبع أمر المؤدي فقال: {وأداء إليه بإحسان} لئلا يجمع بين جنايته أو جناية وليه وسوء قضائه، وفي إعلامه إلزام لأولياء الجاني بالتذلل والخضوع والإنصاف لأولياء المقتول بما لهم من السلطان {فقد جعلنا لوليه سلطانًا} [الإسراء: 22] فيراقبون فيهم رحمة الله التي رحمهم بها فلم يأخذ الجاني بجنايته. انتهى.

.مناسبة قوله تعالى: {ذلك تَخْفِيفٌ مّن رَّبّكُمْ وَرَحْمَةٌ} لما قبله:

قال البقاعي:
ولما وسع لنا سبحانه وتعالى بهذا الحكم نبه على علته تعظيمًا للمنة فقال: {ذلك} أي الأمر العظيم الرفق وهو التخيير بين القصاص والعفو مجانًا وعلى الدية {تخفيف} أي عن القتال وأوليائه {من ربكم} المحسن إليكم بهذه الحنيفية السمحة وهذا الحكم الجميل، وجمع الضمير مراعاة كما قال الحرالي للجانبين لأن كل طائفة معرضة لأن تصيب منها الأخرى. انتهى.
{ورحمة} لأولياء القتيل بالدية وللآخرين بالعفو عن الدم، روى البخاري في التفسير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية، {فمن عفي له من أخيه شيء} أي يقبل الدية في العمد ذلك تخفيف من ربّكم ورحمة مما كتب على من كان قبلكم فمن اعتدى بعد ذلك قتل بعد قبول الدية. انتهى.
وقال أهل التفسير: كتب على اليهود القصاص وحرم عليهم الدية والعفو وعلى النصارى العفو وحرم عليهم الدية ولما كانت هذه منة عظيمة تسبب عنها تهديد من أباها فقال تعالى: {فمن اعتدى} أي بالقتل {بعد ذلك} أي التخيير والعفو ولو كان العافي غيره {فله عذاب أليم} بقتله أو أخذ الدية منه جزاء على عداوته بقدره وتعديه بما أشعر بإبائه لهذه الرخصة التي حكم بها المالك في عبيده الملك الذي لا تسوغ مخالفته، وفي تسمية جزائه بالعذاب وعدم تخصيصه بإحدى الدارين إعلام بشياعه في كليهما تغليظًا عليه. قال الحرالي: وفي الآية دليل على أن القاتل عمدًا لا يصير بذلك كافرًا، قال الأصبهاني: قال ابن عباس: سمي القاتل في أول الآية مؤمنًا وفي وسطها أخًا ولم يؤيسه آخرها من التخفيف والرحمة. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال ابن عاشور:

أعيد الخطاب ب {يَا أَيُّهَا الذين آمنوا} لأن هذا صنف من التشريع لأحكام ذات بال في صلاح المجتمع الإسلامي واستتباب نظامه وأمنه حين صار المسلمون بعد الهجرة جماعةً ذات استقلال بنفسها ومديِنتها، فإن هاته الآيات كانت من أول ما أنزل بالمدينة عام الهجرة كما ذكره المفسرون في سبب نزولها في تفسير قوله تعالى بعدَ هذا: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم} [البقرة: 190] الآية.
تلك أحكام متتابعة من إصلاح أحوال الأفراد وأحوال المجتمع، وابتُدئ بأحكام القصاص، لأن أعظم شيء من اختلال الأحوال اختلالُ حفظ نفوس الأمة، وقد أفرط العرب في إضاعة هذا الأصل، يَعلم ذلك مَنْ له إلمام بتاريخهم وآدابهم وأحوالهم، فقد بلغ بهم تطرفهم في ذلك إلى وشك الفناء لو طال ذلك فلم يتداركهم الله فيه بنعمة الإسلام، فكانوا يغير بعضهم على بعض لغنيمة أنعامه وعبيده ونسائه فيدافع المُغَار عليه وتتلف نفوس بين الفريقين ثم ينشأ عن ذلك طلب الثارات فيسعى كل من قتل له قتيل في قَتْل قاتِل وليِّه وإن أعوزه ذلك قتل به غيره من واحدٍ كفءٍ له، أو عدد يراهم لا يوازونه ويسمون ذلك بالتكايل في الدم أي كأنَّ دم الشريف يُكال بدماء كثيرة فربما قدروه باثنين أو بعشرة أو بمائة، وهكذا يدور الأمر ويتزايد تزايدًا فاحشًا حتى يصير تفانيًا قال زهير:
تَدَارَكْتُمَا عَبْسًا وذُبْيَانَ بعدَما ** تَفانَوْا ودَقُّوا بينهم عِطْرَ مَنْشِم

وينتقل الأمر من قبيلة إلى قبيلة بالولاء والنسب والحلف والنصرة، حتى صارت الإحن فاشية فتخاذلوا بينهم واستنصر بعض القبائل على بعض فوجد الفرس والروم مدخلًا إلى التفرقة بينهم فحكموهم وأرْهبوهم، وإلى هذا الإشارة والله أعلم بقوله تعالى: {واذكروا نعمة الله عليكم} حتى: {فأنقذكم منها} [البقرة: 231] أي كنتم أعداء بأسباب الغارات والحروب فألف بينكم بكلمة الإسلام، وكنتم على وَشْك الهلاك فأنقذكم منه فضَرب مثلًا للهلاك العاجل الذي لا يُبقي شيئًا بحفرة النار فالقائم على حافتها ليس بينه وبين الهلاك إلاّ أقلُّ حركة. اهـ.